سجل ليصلك جديدنا
بسم الله الرحمن الرحيم
{ الألوان وثقافات الشعوب }
معاكم أ. حنان المسباح .
تخيل أنك بدأت رحلة حول العالم تحمل معك فضولا لتعرف كيف ترى الشعوب الألوان ، أول محطة هي الغرب ، حيث العروس ترتدي الأبيض في زفافها كرمز للنقاء والبداية الجديدة . لكن ما إن تعبر المحيط إلى الشرق الأقصى ، حتى تكتشف أن الأبيض هناك لون الحزن والفقد . يُلبس في الجنائز بدلا من حفلات الفرح. هنا فقط تُدرك أن اللون ذاته قد يكون حياة في ثقافة وموتا في أخرى، وأن الألوان مرآة لقيم المجتمعات ومعتقداتها.
في محطتك التالية إلى العالم العربي، تجد أن اللون الأخضر يتلألأ في العمارة والزخارف، رمزا للجنة والخصب والبركة. بينما الأزرق يتجلى على أبواب البيوت القديمة لطرد الشرور، وحين تسير بين أزقة الأسواق ترى الأحمر حاضرا في الأقمشة والحلي، بينما الأسود يُتوج الرايات القديمة بعزة وهيبة، كل لون هنا يحكي حكاية ممتدة من عمق التراث إلى تفاصيل الحياة اليومية.
تتابع رحلتك نحو الهند فتغمر عينيك ألوان المهرجانات، العروس ترتدي الأحمر رمزا للحب والخصوبة، والكهنة يتشحون بالبرتقالي المقدس تعبيرا عن الروحانية والتجرد. ثم تمضي إلى أفريقيا، حيث الأزياء القبلية تتفجر بألوان زاهية تُخبرك عن هوية القبيلة ومكانتها الاجتماعية. وأخيرا تصل إلى الغرب الحديث مرة أخرى، لتجد الألوان وقد تحولت إلى لغة تسويقية في الشعارات والإعلانات، تُستخدم لجذب انتباهك وتوجيه قرارك دون أن تشعر. وهكذا تنتهي الرحلة لتكتشف أن الألوان ليست مجرد مشهد بصري، بل حكاية ثقافية وإنسانية تُروى بغير كلمات.